السبت، 31 مايو 2014

التناسق البياني لكلمات القرآن الكريم – الجزء الثاني

 التناسق البياني لكلمات القرآن الكريم – الجزء الثاني







التناسق البياني لكلمات القرآن الكريم – الجزء الثاني


بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل


هكذا مشيئة الله ...

قبل أن يخلق الله الكون اختار الصيغة الأنسب للضلال والهدى، واقتضت مشيئة الله أن ينقسم البشر بين مؤمن وكافر، لو شاء لهدى الناس جميعاً, ولو شاء لعذبهم جميعاً... إنه يفعل ما يريد هو وليس نحن... لنتخيَّل حكمة الله في خلقه نستعرض 3 آيات من القرآن حيث تكررت كلمة (نَشَأْ) لنرى التدرج البلاغي والرقمي لتكرار هذه الكلمة عبر سور القرآن:

1ـ (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) [الشعراء: 26/4].

2 ـ (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) [سبأ: 34/9].

3 ـ  (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ) [يس: 36/43].

نظام الكلمات لغوياً

كلمة (نَشَأْ) هي كلمة خاصة بالله تعالى، لم ترد إلا وقبلها (إنْ) وبعدها كلمة تخصُّ الله وقدرته ومشيئته ليبيِّن لنا الله تعالى أن المشيئة كلها لله وحده، وليس لنا نحن البشر من الأمر شيء.

1ـ بدأ الله تعالى الأولى بالحديث عن الهدى فهو قادر على أن ينزل على هؤلاء المكذبين آية (معجزة) من السماء فيجبرهم على الخضوع والإيمان قسراً, ولكن عدالة الله تعالى اقتضت أن يعطيَهم حرية الاختيار لكي لا يظلم أحداً يوم القيامة.

2ـ ثم أتت الآية الثانية بالتهديد بأن الله قادر على أن يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم قطعاً ملتهبة من السماء ولكن رحمتُه تقتضي إمهالهم ليوم لا ريب فيه حيث لا ينفعهم الندم.

3ـ وخُتمت هذه الآيات الثلاث بأن الله لو شاء لأغرقهم فلا منقذَ لهم غير الله تعالى.
نرى التدرج عبر الآيات الثلاثة :

 من السماء (نُنَزِّلْ)...

إلى الأرض (نَخْسِفْ)...

إلى أعماق البحار (نُغْرِقْهُمْ)...

 فهل نحن أمام برنامج بلاغي لكل كلمة من كلمات القرآن؟ إذن تنوعت أنواع العذاب :

الإحراق بأجسام ملتهبة من السماء.

ثم الخسف في الأرض .

ثم الإغراق في ظلمات البحار.

كلُّ شيء... يسبِّح بحمدِه

كيف لا يسبح كل شيء بحمد الله تعالى وهو خالق كل شيء؟ الرعد يسبح بحمده... كل شيء يسبح بحمده... يوم القيامة يدعونا الله فنستجيب بحمده... إنه الحي الذي لا يموت فسبِّح بحمده, لنبحث عن كلمة (بِحَمْدِهِ) التي نجدها مكررة 4 مرات في 3 سور من القرآن العظيم:

1ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِ هِوَ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) [الرعد: 13/13].

2ـ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَ هِوَ لَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 17/44].

3ـ (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً) [الإسراء: 17/52].

4ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ هِوَ كَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً) [الفرقان: 25/58].

3 سور هي: الرعد 13ـ الإسراء 17ـ الفرقان 25, تكررت فيها كلمة (بِحَمْدِهِ).
النظام البلاغي

تنظيم كلمات وآيات وسور القرآن وترتيبها لا يقتصر على دقة الكلمات والعبارات، بل هنالك نظام بلاغي لتدرج هذه الكلمات عبر سور القرآن. ففي المثال السابق نجد النظام التالي:

1ـ عرَّفَنا الله تعالى كيف يسبِّحُ الرعد بحمده والملائكة لأن هذه المخلوقات تمتثل أمر الله وتخافه ولا تعصيه، فهل نَعتَبِر؟

2ـ ثم قرر في الآية الثانية أن كل شيء يسبح بحمد الله تعالى... وللأسف كثير من الناس غافلون عن ذكر الله ولقائه وعذابه.

3ـ ثم انتقلت الآية الثالثة لتتحدث عن المستقبل ـيوم القيامةـ عندما يبعثنا الله بعد الموت فنستجيب بحمده, فإما إلى الجنة وإما إلى النار. وحتى نفوزَ بالجنة.

4ـ تأتي الآية الرابعة بالأمر الإلهي (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ)، ليعلمنا كيف نسبح ونمجِّد وننزِّه الله تعالى لنفوز برحمة الله ونعيمه ومغفرته, إذن بعد 3 آيات تُقرِّر أن كل شيء يسبح بحمده تعالى... فهل تمتثل أيها الإنسان أمر الله وتسبِّحه وتمجِّده؟ لذلك جاءت الآية الرابعة لتأمرنا بالتسبيح لله تعالى .

كل شيء يسجد لله

إذا كان كل شيء يسبح بحمد الله تعالى تعظيماً له. فهل تستكبر مخلوقات الله عدا الإنسان عن السجود لخالقها؟ القرآن يخبرنا أن كل شيء في الوجود يسجد لله تعالى خوفاً وتواضعاً وتذللاً لله تعالى , وعلى الرغم من ذلك يأبى كثير من الناس الامتثال لأوامر خالقهم ورازقهم وممهلهم...

كلمة (يَسجُدُ) تكررت في كامل القرآن 3 مرات بالضبط في 3 سور :

1 ـ (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) [الرعد : 13/15].

2 ـ (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَ الْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) [النحل : 16/49].

3 ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [ الحج :22/18] .

هكذا عظمة كتاب الله تعالى... تتراءى أمامنا البلاغة الفائقة تتدرج من حيث المعنى :

1 ـ بدأت الآية الأولى بتقرير أن كل من في السماوات والأرض يسجد لله طوعاً و كرهاً , ليدلَّنا على أن الأمر لله و ليس لمخلوقاته .

2 ـ في الآية الثانية تحدث الله تعالى عن الدواب التي نظنها لا تعقل ولا تسمع, ولكنها تسجد لله تعالى والملائكة أيضاً يسجدون لله .

3 ـ وأخيراً تحدثت الآية الثالثة والأخيرة أن كل من في السماوات ومن في الأرض يسجد لله وعدَّد بعض مخلوقات الله: الشمس ـ القمر ـ النجوم ـ الجبال ـ الشجر ـ الدواب..., ونلاحظ في هذه الآية كيف انتقل الله تعالى من صيغة الإثبات إلى صيغة الاستفهام (أَلَمْ تَرَ) أي بعد كل هذه الآيات ألم يحنِ الوقت لترى وتوقن أن كل شيء يسجد لله ؟

من خلال الآيات الثلاث نلاحظ أن كلمة (يَسْجُدُ) هي كلمة خاصة بالله تعالى لم تُستخدم إلا للتعبير عن أن كل شيء يسجد لله, لذلك نجدها دائماً مسبوقةباسم (الله)! ليؤكد لنا الله على أن السجود هو فقط لله وليس لأحدٍ غير الله, ونرى كيف تتدرج الآيات الثلاث في تعداد المخلوقات :
1 ـ الآية الأولى لم تعدد من أنواع المخلوقات شيئاً.

2 ـ الآية الثانية ذكرت : الدواب ـ الملائكة (نوعين فقط).

3 ـ الآية الثالثة ذكرت : الشمس ـ القمر ـ النجوم ـالجبال ـ الشجر... (أنواع متعددة).

هل ينفع الندم؟

مشهد من مشاهد جهنم يصوره لنا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل، يقول أصحاب النار (يا ليتنا)، فما هي أمنيات هؤلاء الكفار؟ ولكن ماذا تفيدهم هذه الأماني؟ طبعاً لاشيء، لنستمع إلى هاتين الآيتين حيث تكررت كلمة (ليتنا) لم ترد هذه الكلمة إلا في هاتين الآيتين:

1ـ (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنعام:6/27].

2ـ(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) [الأحزاب: 33/66].

التدرج اللغوي والمنطقي في الآيتين
1ـ الآية الأولى بدأت بوقوفهم على النار (إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ)، ثم الآية الثانية بعد أن دخلوا في النار أصحبَ تُقَلَّب وجوههم فيها (تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) ، وهكذا التدرج من الوقوف خارج النار إلى الدخول إليها .

2ـ في الآية الأولى بدؤوا بقولهم أول شيء (فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ)، أي إلى الدنيا، فهذا أول مطالبهم، ثم تمنوا ألاَّ يكذبوا بآيات الله (وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا) ثم تمنوا بأن يكونوا من المؤمنين(وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ): أي العودة إلى الدنيا... ثم التصديق بآيات الله... ثم الإيمان .

3ـ ولكن في الآية الثانية عندما دخلوا إلى النار وقُلِّبت وجوهُهم فيها، لم يعد لديهم أمل بالعودة إلى الدنيا. وأدركوا مدى أهمية طاعة الله وطاعة رسوله  فانتقلوا من مرحلة الإيمان إلى مرحلة الطاعة لله ورسوله، لذلك يقولون عندها: (يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) إذن نلخِّص هذا النظام البلاغي باختصار:

1ـ وقوفهم على النار .... ثم الدخول فيها لتُقَلَّب وجوههم في النار .

2 ـ وتأمل معي التدرج الزمني للآيتين: فلآية الأولي جاء فيها قولهم بصيغة الماضي (فَقَالُواْ)، ولكي لا يظنّ أحد أن هذا القول


من وحي قلمي






















منذ فارق طيفك طل الصباح الذي يعانق نافذتي...
توهمت أن شفيت لم أدرك أن طيفك قام بتغيير مواعده...
فقط ليزورني في المساء معانق الشمس...
في غروبها ولم أشفى بعد...
  
بماذا يفيدنا البعد إن لم يعلمنا كيف نصبر على من نحب...
أصعب جرح أن تكتمل قصيدة أو قصة أو حتى رواية ثم تضعها على طاولة الطعام...
لتعود إليها خلال المساء رفقة هدأة جميلة خالية من الصراخ فتجد أمك قد رمتها...
في سلة المهملات بعد إحراقها بعود الغضب...
  
أحلامي تنتابها دوما نوبة قصور عارمة  فطموحاتي...
قاصرة قلم أحلم يوما بأن أكون الأميرة بل وصيفتها...
ولم تدرك عيناي جمال الأمير بل تجذبني نظرات سائسة الحائرة...
هل هما القناعة والرضا أم طموحات قاصرة...
  
غاب فغاب معه الورق والحبر...
وتناثرت آخر أوراق شجرة لقيانا حتى المطر لم يعد له نفس الواقع...
على معطفي شتائي من دونه خريف طويل...
  
أصلي دائما لأكون وعاء رياحين بالقرب من نافذتك...
هي عدسة تنقل جزءا من الإحساس والجمال ولكنها لن تنقل...
سعادتي وأنا أقف خلفها أتأمل نظرات خجلك التائهة...
كل فتاة تتحدث عن حبيبها إلا أنا أخجل لا أهتم بقرب أو ببعد...
وكلمات عشق ولكني حقا يشغلني ماهو أفضل...
من ذلك لا أحبك بعاطفة ولكن أحبك برقي...
  
هزني شوق البداية لأعلو قليلا عن السفح...
فانسحبت من نظرات كانت تلاحقني لتقصف شغفا توارى...
وظل السكون مخيما بعمق الحيرة يستفزني بهدوئه...
  
لولا قساوة الظروف ما عرفنا...
للإصرار طريقا ولولا المآسي ما حرفنا للحمد سبيلا...
ولولا اليأس ما عرفنا للأمل منهجا...
  
أي علم هذا الذي لم يستطع حتى الآن أن يضع...
أصوات من نحب في أقراص أو زجاجة دواء نتناولها سرا...
عندما نصاب بوعكة عاطفية من دون أن يدري صاحبها كم نحتاجه...
  
تحياتي
أحلام